20 Jan 2010

العدو الحقيقى


يجب أن نتذكر دائما انه فى مثل تلك الأيام قبل عام شهدنا على شاشات التليفزيون الحرب التى شنتها إسرائيل بكل قسوة ضد أبناء غزة العزل من أطفال ونساء وشيوخ، وراح ضحيتها 1400 فلسطينى بأسلحة مدمرة استخدمت لأول مرة من اجل اختبارها.
ويجب أن ندرك من تلك العمليات، والحروب التى شنتها إسرائيل ضد جنوب لبنان حيث دمرت كل البنية التحتية والجسور والمبانى وكانت تجعل الأطفال الإسرائيليين يكتبون رسائل قاسية على الصواريخ المتجهة الى أطفال لبنان، أن إسرائيل هى العدو الحقيقى فى تلك المنطقة؛ وإننا لن نستطيع أبدا أن نعمل على التطبيع بينما العالم بدأ ينظر الى الدولة الإسرائيلية كدولة عنصرية تنتهك كل القوانين الإنسانية. فمنذ عام 2005 صوت اتحاد أساتذة الجامعة فى بريطانيا على مقاطعة المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية، والتى اتهمت بالمشاركة فى قمع الفلسطينيين؛ وبعد الحرب على غزة تشكلت حملة كبيرة فى الولايات المتحدة من اجل مقاطعة إسرائيل اكاديميا وفنيا شارك فيها المبشر الجنوب افريقى ديزمونت توتو؛ وفى عام 2009 قام مجلس اتحاد العمال فى بريطانيا بعقد مؤتمر لبحث مقاطعة المنتجات الإسرائيلية.
فى نفس الوقت قامت حملات مقاطعة فى أمريكا ضد منتجات تجميل لشركة "أهافا"، أطلقت عليها اسم "الجمال المسروق" لان تلك المنتجات تصنع فى المستوطنات غير القانونية التى أقيمت فى الضفة الغربية؛ بينما تعرضت متاجر سينسبورى وتيسكو الى ضغوط كبيرة من اجل التنويه عن المنتجات الإسرائيلية التى صنعت فى المستوطنات. وفى استراليا، فقد مجمع يضم شركة فيوليا الفرنسية حق بناء مصنعا لتحلية المياه، بعد أن كشف الإعلام عن دور الشركة الفرنسية فى بناء خط سكة حديد يربط القدس بالمستوطنات، بينما قامت حكومة النرويج بسحب دعمها لشركة ايلبيت الإسرائيلية بعد أن تكشف دورها فى بناء الجدار العازل عبر فلسطين، وقال وزير المالية النرويجى أن حكومته لا ترغب فى تمويل الشركات التى تساهم بشكل مباشر فى انتهاك القوانين الإنسانية الدولية.
وأخيرا فلن ننسى أن القاضى الدولى، ريتشارد جولدستون، اصدر تقريرا عن بشاعة الانتهاكات الإسرائيلية فى غزة خلال تلك الحرب الأخيرة، مما دفع محكمة بريطانية الى إصدار أمر اعتقال تسيبى ليفنى، وزيرة الخارجية الإسرائيلية فى تلك الفترة، إن هى خطت بقدمها الأراضى البريطانية، وتوجيه لها اتهامات بارتكاب جرائم ضد البشرية، بينما تعرض ايهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلى فى ذلك الوقت لنفس المصير الذى استطاع التهرب منه بسبب الحصانة الدبلوماسية.
إن العدو الحقيقى للعرب هى إسرائيل. هذه حقيقة لا شك فيها. وان كان هناك تجاوزات من بعض الغزاويين فالسبب الرئيسى هو الاحتلال الإسرائيلى، ومحاصرة أبناء غزة ليصبح القطاع "اكبر سجن مفتوح" حرم عليهم فيه الطعام والشراب والدواء والعلاج والعمل والحياة. وأيا كانت العلاقات السياسية بين مصر وإسرائيل، فانه من الصعب قبول تطبيع العلاقات الثقافية والفنية والاجتماعية والأكاديمية وغيرها مع دولة تنتهك يوميا القوانين الإنسانية، وترتكب يوميا كل أنواع الجرائم التى تحرمها القوانين الدولية.