24 Feb 2013

الكارثة مقبلة

ان الكارثة ليست فيما يحدث اليوم فى الاتحادية والتحرير؛ انها ليست فى عمليات التحرش الجماعى الممنهجة، والتى تستهدف فتيات ونساء مصر بشكل اجرامى مخطط وليس عشوائيا، حيث يقوم المجرمون بتجريدهن من ملابسهن والتحرش بهن جنسيا؛ انها ليست استغلال الاطفال، سواء كانوا اطفال الشوارع او غيرهم من الفقراء، ووضع المولوتوف فى اياديهم ودفعهم الى القائها على أسوار القصور الرئاسية وحرق القصور الآثرية؛ انها ليست فى التهجم على المدنيين من المتظاهرين السلميين وتجريدهم من ملابسهم فى الشارع العام وامام عيون الالاف؛ انها ليست فى قيام الجيش بالقبض على المدنيين والمتظاهرين السلميين وتعذيبهم فى السجون والمعتقلات العسكرية حتى الموت. ان الكارثة ليست فيما يحدث اليوم؛ بل هى ستأتى قريبا؛ ان الكارثة الحقيقية هى نتاج كل ما يحدث اليوم وتأثيره فى نفسية هذا الشعب، فتياته ورجاله واطفاله، لسنوات وسنوات مقبلة. فلمن لا يدرك، فان تغيير مهمة القوات العسكرية، من مهمة حماية والدفاع عن الوطن والشعب ضد اعداء خارجيين، الى التصدى لأبناء وطنهم واعتقالهم وتعذيبهم، ا

و الى الدخول فى حروب اجنبية خارج الحدود لحماية شعوب اخرى او الاستيلاء على ثروات دول اخرى، مثلما حدث مع القوات الامريكية فى العراق او القوات الفرنسية فى مالى، من شأنها ان تحدث شرخا عميقا فى نظرة الجندى لنفسه وبذته العسكرية التى تعلم ان يفتخر بها، وفى ثقته فى روؤسائه سواء من القيادات العسكرية او السياسية، التى أمرته بتغيير مهامه والعمل بعكس ما تعهد على تطبيقه طوال حياته العسكرية، وهو الحفاظ على الوطن وابناء الوطن. هذا الشرخ لن يندمل بسهولة وسوف يكون له تبعات قاسية لم نشهد منها شيئا بعد. ولمن لا يدرك، فان محاولات إهانة فتياتنا وكسر عينهم، كما يقال، وتحطيم كرامتهم تحت اقدام بعض الحثالة الذين ارتضوا ان يقوموا بتلك المهمة الخسيسة مقابل المال، لن يثنيهم عن العودة الى الميدان، كما يتصور المحرضون، ولكنها سوف تضع بذور الكراهية والحقد والرغبة فى الانتقام لدى فتياتنا، زوجات وامهات المستقبل، فتبث تلك الكراهية داخل ابنائهم لتخرج اجيال جديدة لا تعرف التسامح أو المغفرة، كما يدعو ديننا الحنيف. ولمن لا يدرك، ان الزج بأ"طفال لا تتجاوز اعمارهم العاشرة الى ساحة العنف، حتى ولو كانوا أطفال الشارع الذى لجأوا اليه هربا من العنف المنزلى، سوف يضيف الى مشاكلهم، بل وسوف يجعلها مستعصية الحل ليصبحوا يوما ما بلطجية مأجورين، ومرتزقة، يقتلون مقابل المال. إن هؤلاء الذين يحرضون ويخططون لهذه الساحة التى رأيناها فى الايام والاسابيع الماضية، يحملون عقولا شيطانية، لا يمكن التحاور معها، او الوصول الى تفاهم ما أيا كان. وعلينا ان نخاف من المستقبل ان نحن تركنا المسائل تتفاقم بلا رادع ولا عقاب.

No comments: