5 May 2015

الذهب تحت الأطلال





مثل الزلزال المدمر الذى أصاب هايتى فى عام 2010 وقتل ما بين مئة و160 الف شخص، ودمر مدن بالكامل؛ مثلما حدث فى اندونيسيا بعد اصابتها بالتسونامى الذى أغرق سواحل بالكامل تحت أمواج أرتفعت اكثر من 30 متر، وقتل اكثر من 230 الف شخص فى 14 دولة تأثرت بالكارثة؛ وقع زلزال مدمر أخر فى نيبال، راح ضحيته اكثر من عشرة الاف شخص ودمر مدن بأكملها.
فى 2010، كتب سفير الولايات المتحدة فى هايتى، إبان الزلزال المدمر،  يقول فى برقية الى وزارة الخارجية الامريكية: " لقد بدأ التسارع نحو الذهب ".. وهو ما يعنى أن الشركات الاستثمارية الكبرى وعابرة القارات والجنسيات، بدأ عدوها نحو البلاد المدمرة لكى تبدأ عملها فى الاستثمار وإعادة البناء، وهى كلها أعمال ليس فيها من مصلحة لأبناء الدولة الفقراء، بل وأفقر شعوب العالم، ولكن كلها استثمارات لصالح الشركات الكبرى التى سوف تنهل من المعونات التى تلقتها هايتى.
كما حدث فى السابق فى اندونيسيا. فالمدن الساحلية التى ابتلعتها الأمواج قبل 11 عاما، لم يعاد بنائها لصيادينها الذين كانوا يعيشون هناك، هؤلاء لم يجدوا لهم منازل او مدارس لأبنائهم او مستشفياتهم، بل قامت الشركات ببناء مدن سياحية على أعلى وأغنى مستوى تخدم أغنياء العالم.
وللأسف فإن نفس الشئ سوف يحدث فى نيبال اليوم. فبعد أن تهدأ الأرض وترفع الأطلال وتبدأ المعونات العالمية تتدفق عليها، فسوف تسارع الشركات العالمية "تتدفق نحو الذهب"، وهنا لن يجد أبناء نيبال معابدهم او منازلهم او مدارسهم، بل سيلقى بهم الى أحياءهم الفقيرة مرة أخرى.
هذا النموذج يتكرر فى كل كارثة طبيعية او غير طبيعية، كما أطلقت عليها الباحثة الامريكية نعومى كلاين فى كتابها "عقيدة الصدمة.. صعود الرأسمالية الكارثة" حيث كتبت عن الحرب فى العراق وكيف سارعت شركات البترول العالمية من اجل وضع يدها على آبارالبترول، وحتى فى الولايات المتحدة نفسها، ولكن فى المدن التى يعيش فيها فقرائها مثل نيو اورليانز التى عانى سكانها من الاعصار المدمر، وظلوا فى الخلاء الى أن بدأت الشركات تشحذ قواها لتحولها الى منتجعات سياحية.
إن الدور سيأتى على مصر التى تلقت المليارات من الدولارات من كل الدول العربية البترولية ومن دول العالم التى اجتمعت فى شرم الشيخ فى المؤتمر الاقتصادى الكبير لكى تلبى النداء للمساعدة. هذه الأموال هى الذهب الذى يسعون اليه وتهرع الشركات للحصول على نصيبها منه قبل الآخرين. فما الذى سيصيب مصر منها؟ مدن للأغنياء ومدينة ملاهى أكبر من كل المدن فى العالم حتى اكبر من ديزنى لاند.