الطبقية أفة كل العصور

الطبقية آفة كل العصور

كيف تتقدم الشعوب؟ بالعمل؟ بالدأب؟ بالطموح؟ بل بالتكاتف. تتقدم الشعوب بالتكاتف بين أبناءها، وذلك يعنى أن يتم إزالة الطبقية التى تهدد هذا التكاتف، وبالتالى تقضى على أى تقدم يمكن ان يتحقق فى أى وقت.

إن التكاتف بين أبناء الشعب الواحد يعنى بالضرورة، ليس إزالة "الطبقات"، ولكن إزالة "الطبقية"؛ تلك الآفة التى تهدد الوطن كله، الكامنة فى الداخل، وحتى ولو لم يعبر عنها البعض بالكلام، فهو يعبر عنها بالفعل والتصرفات والتلميحات القاسية. تلك التلميحات التى قد لا تؤثر كثيرا فى قائلها، ولكنها تدخل فى أعماق الآخر فى شكل احتقار للنفس وكراهية للأخر.

عالم افتراضى

كان لدينا كل الوقت لكى ننقذ انفسنا من تداعيات بناء سد النهضة الإثيوبى. كان لدينا الوقت منذ البدء فى بناء السد عام 2011، وقبله منذ أن بدأت الفكرة تتبلور وتتشكل وتصبح حقيقة. كان لدينا كل الوقت لكى نبدأ فى استغلال الشمس لتوليد الكهرباء، واقامة المصانع لتحلية مياه البحر، وإقامة المصانع والتركيز على الزراعة لكى يكون لدينا إكتفاء ذاتى، ونصبح دولة منتجة ومصدرة.

كان لدينا الوقت، وكان لدينا المال. ولكننا أضعنا الوقت والمال فى بناء مدن على أحدث الطرز لن يستخدمها الا الأقلية من أبناء الشعب القادر؛ وعاصمة إدارية جديدة بكل المنشآت الحكومية والرئاسية والبرلمانية والدبلوماسية، تتكلف المليارات، وطرق سريعة ومساكن شعبية بالرغم من وجود ملايين المساكن المغلقة والتى تكفى كل من فى حاجة لها لعشر سنوات قادمة.

لم يكن توليد الكهرباء وتحلية المياه من أولوياتنا وحتى اليوم، مع بدء ملئ السد. ولازلنا نعيش فى عالم افتراضى، غير واقعى. لذا فان تداعيات بناء سد النهضة لن يكون فقط على خفض نسبة المياه التى تصلنا، ولكنها ستكون على كل أسلوب حياتنا الذى عشنا به حتى الأن.