26 Apr 2021

ما بين كتابين وعالمين

ما بين كتابين "سبيل الغارق" للكاتبة المصرية ريم بسيونى و"متعلمة" للكاتبة الأمريكية تارا وستأوفر؛ وما بين عالمين: مصر فى القرن التاسع عشر، والولايات المتحدة الامريكية فى القرن الواحد والعشرين، تتطابق المشكلة الاساسية، وهى تعليم الفتيات، بالرغم من أن هناك أكثر من قرن من الزمن يفصل بين العالمين. 

كتاب سبيل الغارق للكاتبة المصرية ريم بسيونى، يتحدث عن مصر فى نهاية القرن التاسع عشر وقبيل الاحتلال البريطانى لمصر؛ وعن عائلة مصرية من العائلات التى عاشت فى رغد، تتمتع بالمال وتملك العبيد السود، ولكنها على عكس المفاهيم التى كانت سائدة فى المجتمع المصرى حينئذ، قررت فتاة العائلة ان تتعلم وتعمل، بل وان تتزوج من عبدها الأسود. فخرجت عن التقاليد المتبعة بكل المقاييس.

وفى قصة "متعلمة" تطرح الكاتبة تارا وستأوفر، الامريكية، قصة حياتها فى مجتمع المورمون، وهو احد المذاهب المسيحية التى تعتبر الأكثر محافظة؛ ولكن عائلة تارا كانت محافظة بشكل أكثر شدة؛ فقد رفض والدها التعامل مع الحكومة فى أى مجال، فقاطع المدارس والمستشفيات ولم يسجل أبناءه ولم يدفع ضرائبه؛ فتلقت تارا وأشقاءها تعليمهم فى المنزل مع مساعدة والدهم فى عمله فى البناء. 

فى الحالتين لم تتمكن الفتاتان من تحقيق أحلامهما والحصول على استقلاليتهما الا من خلال التعليم. ففى الرواية المصرية اعتبر تعليم المرأة فى ذلك العصر عاروضد الدين والشرف، وأعتبرت العائلة أن جليلة ثابت، بطلة القصة، ساقطة لانها تعلمت وتعمل فى التدريس، بالرغم من أن والدها شجعها على التعليم. وتمردت جليلة على المجتمع ومفاهيمه فى الحياة والزواج. 

فى قصة تارا نفس الشئ حدث معها، فكان قرارها أن تتعلم لكى تتخلص من القهر الذى تتعرض له داخل عائلتها من شقيقها ووالدها؛ فكان طريقها الى ذلك هو الالتحاق بالجامعة ثم الحصول على درجة الدكتوراه من جامعة كامبريدج البريطانية؛ وذلك هو ما مكنها من التمرد والاستقلال عن عائلتها وحماية نفسها من الاضطهاد والقهر. 

الغريب أن نفس الفكر الذى ساد دولة من الشرق مثل مصر فى القرن التاسع عشر، هو نفسه الذى ساد فئة من المواطنين فى دولة مثل الولايات المتحدة الامريكية التى تعتبر أكثر دول العالم تقدما، فى القرن الواحد والعشرين؛ وتظل مسألة التعليم مطروحة ما بين مشجع ومعارض، ربما حتى فى القرن الواحد والعشرين، وحتى فى أى مجتمع، سواء كان متقدما فى الظاهر، او متخلفا فى الواقع.