27 Dec 2012

الجماعة والتنظيم

يشيد مناصرو الاخوان والمعارضون على حد سواء، بالجماعة، فيرددون دائما الى أى حد هم منظمون، بل يذهبون الى حد التأكيد على انهم اكثر القوى السياسية فى الساحة تنظيما، وقدرة على الحشد. نعم هم بالفعل اكثرهم قدرة على الحشد، ففى ساعات قليلة يمكن للجماعة ان تحشد عشرات الالاف من جميع المحافظات وينقلونهم بالشاحنات لكى ينتخبون او يتظاهرون او يستمعون الى الرئيس فى الاتحادية. ولكن من ناحية التنظيم، ففيما يبدو انه توقف لحظة الفوز فى الانتخابات. ففى الماضى كانت لافتات الجماعة تظهر دائما وقت الازمات مثل الزلزال الذى ضرب القاهرة فى التسعينات وخرج اعضاء الجماعة من الساعات الاولى، يوزعون الطعام والبطاطين والخيام للمتضررين الذين فقدوا منازلهم. كان الاخوان اول من وصل الى المواقع، لانهم كانوا يعرفون اسلوب العمل فى الميدان، ويستطيعون حشد اكبر عدد من المتطوعين والاطعمة واحتياجات المحتاجين. كما ان نظام السمع والطاعة يجعل من السهل حشد اكبر عدد منهم فى اقل وقت؛ لذا تصور المواطنون ان الجماعة هم اكثر القوى السياسية تنظيما وقدرة على الحكم. ولكن بعدما وصلو الى الحكم، اختلفت الأمور. فلم نجدهم يهرعون الى مكان حادث اسيوط حيث لقى 51 طفلا مصرعه وتحولوا الى اشلاء تحت عجلات القطار. ولم نجد متطوعين يعملون من اجل تخفيف المعاناة عن الضحايا وعائلاتهم، او سيارات تنقل المصابين الى المستشفيات او تنقل اليهم الدواء. لم تهتم الجماعة بالمواطنين بعد ان وصلوا أخيرا الى الحكم، وحصلوا على الرئاسة والتشريع وتوغلوا فى صفوف الشرطة والقضاء ومعظم المناصب القيادية فى الجامعات وفى غيرها. تكشفت حقيقة الجماعة تدريجيا ولكن بسرعة. فهى ليست تلك التى تصورها ناخبوها: فهى ليست عالية التنظيم عندما تواجه مشاكل مصر الجمة الضخمة، وهى ليست معدة للحكم كما تدعى بعد اكثر من 80 عام من العمل تحت الارض، فالقرارات التى يتخذها ممثلوهم سواء فى التشريعية او التنفيذية مرتبكة، واولوياتهم ليست وطنية وانما تتعلق كلها بأمور هامشية تجاوزها الزمن. فبعد شهور من توليهم الحكم لم يتم اتخاذ اى قرار او اجراء ينبئ الى ان الحكومة تسير فى الطريق الصحيح من اجل التصحيح وحل بعض من مشاكلنا المتفاقمة. إن مصر ليست دولة صغيرة او هامشية إنها دولة كبيرة ومؤثرة، بها شعب عريق، عاشت طويلا وشهدت الكثير، ويجب على من يحكمها ان يكون على هذا المستوى من الحكمة والرؤية والمقدرة.

No comments: