17 Oct 2012

العنصرية فى رفحالعنصرية فى رفح

اثارت أحداث طرد العائلات المسيحية من رفح، او حسب قول الجماعات الاسلامية، نزوحها طواعية عن مسكانها خوفا على حياة أبنائها، الكثير من الغضب. فان ما يحدث فى رفح لا يختلف كثيرا عما رأيناه من قبل فى اكثر الدول عنصرية وهما كل من جنوب افريقيا واسرائيل، حيث شهدت الاولى سياسات الفصل العنصرى والثانية التطهير العرقى، ووصفت كل السياستين بالبغيضة. ولكن ما يحدث فى رفح هو الأسوأ على الإطلاق لانها العنصرية التى ترتكب باسم الدين. ففى جنوب افريقيا، مارست الدولة سياسات الفصل العنصرى المعروفة بالابرتايد، على أساس اللون والجنس من عام 1961 وحتى 1990؛ فكان القانون يعمل على الفصل بين البيض والسود، فى كل اوجه الحياة، فى السكن والعمل والمدارس والاحياء والمتاجر؛ ولقد اثارت تلك السياسات غضب الرأى العام العالمى، فقاطعت دول العالم دولة جنوب افريقيا، ورفضت معظم الدول التعامل معها واتهمتها بممارسة انتهاكات ضد الانسانية والبشرية. الى ان انهت جنوب افريقيا تلك الممارسات فى عام 1990 وخرج مانديلا من سجنه الطويل ليكون اول رئيس أسود للبلاد. أما اسرائيل، فلم ينس الفلسطينيون ممارساتها ضدهم منذ عام 1948، وقيام القوات الارهابية التابعة لمليشيات الايرجون وشتيرن، بمذبحة دير ياسين حيث قتل المئات ودمرت المساكن والقرى الفلسطينية لارهاب الشعب العربى ودفعه الى الهروب والخروج من بلاده، وذلك بهدف تحويل فلسطين الى دولة صهيونية. ولازالت اسرائيل ترتكب كل يوم تلك الممارسات العنصرية ضد الشعب الفلسطينى فى الاراضى المحتلة، لحثه على مغادرة البلاد لتصبح دولة يهودية كاملة؛ مما اثار ضدها الغضب الخارجى والداخلى، وبدأ المؤرخون الاسرائيليون الذين عرفوا بالمؤرخين الجدد، امثال إيلان بابيه، بالكتابة ضد سياسات بلادهم، التى لم تقف عند الفصل العنصرى، بل ذهبت الى حد التطهير العرقى الذى يهدف الى اخلاء البلاد من العرب سواء مسيحيين او مسلمين؛ وهو ما ينافى كل المواثيق الدولية والتاريخية الخاصة بحقوق الانسان، ويعتبر انتهاكا حقيقيا للبشرية؛ ولقد اصدرت الامم المتحدة فى عام 1975 قرارا اعتبرت فيه الصهيونية مساوية للعنصرية. وبالرغم من ان القرار الغى فى عام 1991 تحت ضغط من اسرائيل والولايات المتحدة، الا انها لازالت تتهم بالعنصرية فى كل المحافل الدولية الأخرى، لان الممارسات التى تقوم بها وتندرج تحت بند العنصرية لم تتغير. إن ما حدث فى رفح ضد العائلات المسيحية من قبل مجموعات اعتبرت نفسها إسلامية، ليس مختلفا عما ارتكبته كل من جنوب افريقيا واسرائيل من ممارسات عنصرية ضد مواطنيها، بل يعتبر الأسوأ بكل المقاييس لأنه يرتكب باسم الدين الذى هو برئ منها. وكل محاولات الترهيب والتخويف من اجل دفع العائلات المسيحية الى الهروب من وطنهم، هو نفس التكتيك الذى تستخدمه اسرائيل الى اليوم، لإجبار الفلسطينيين على النزوح من اراضيهم، والهرب الى الدول المجاورة. أهذا مانريده لمصر؟ ان تكون دولة عنصرية بغيضة تمارس التطهير العرقى ضد أبناء وطنها، بعد ان كانت دولة حضارة وإنسانية، أنارت العالم كله بحضارتها؟ وان يتم كل ذلك باسم الدين الذى أنزل من اجل بعث برسالة عدالة وحق وسلام الى الانسانية جمعاء؟

No comments: