21 Apr 2011

مبادرة "سلام" اسرائيلية؟؟

اصدرت مجموعة من الصفوة الاسرائيليين مشروع لمبادرة للسلام مع الدول العربية، قالوا فيها انها رد مباشر على مبادرة السلام العربية التى صدرت فى عام 2002 واخرى فى عام 2007، وتتساوى مع الفكرة التى طرحها الرئيس الاسبق بيل كلينتون فى عام 2000 حول قيام الدولتين. وقال البيان الذى صدر لتقديم المبادرة ان الظروف فى الشرق الاوسط تتغير: "وقلنا لأنفسنا انه حان الوقت ان يرفع الاسرائيليون اصواتهم ايضا".

هذه الوثيقة تشير الى اقامة دولة فلسطينية على "معظم" اراضى الضفة الغربية، وتكون عاصمتها "جزء" من القدس الشرقية، ويعود اللاجئون الفلسطينيون الى الدولة الفلسطينية وليس الى ارضهم الاصلية فى اسرائيل. كما تعترف المبادرة بمعاناة اللاجئين الفلسطينيين منذ عام 1948 واللاجئين اليهود من الدول العربية؛ كما تؤكد الوثيقة على ان المجموعة تشارك المبادرة العربية للسلام فى ان "الحل العسكرى للصراع لن يحقق السلام او يمنح الأمن للأطراف المختلفة". كما تؤكد الوثيقة على ان حدود 1967 ستكون هى اساس الحدود الجديدة "مع بعض التعديلات المتفق عليها والتى تقوم على تبادل الاراضى على الا تتجاوز 7% من الضفة الغربية"، كما تؤكد انسحاب اسرائيل من مرتفعات الجولان "مع تعديلات يتم الاتفاق عليها حول تبادل الاراضى".

الهدف من اصدار تلك الوثيقة الأن كما يقول القائمين عليها: وضع نهاية للصراع العربى الاسرائيلى، وانهاء العزلة الدبلوماسية التى تعيش فيها اسرائيل الان؛ كما تستهدف المبادرة الى اسماع صوت اسرائيل لدى الدول المجاورة.

ولكن اصدرا مبادرة اليوم ردا على المبادرة العربية بعد تسع سنوات من صدورها، يلمح الى وجود أسباب غير معلنة، ومنها: خوف اسرائيل مما يجرى فى الشرق الاوسط، والذى، على غير العادة، فاجأ اسرائيل وامريكا، فكان عليهم اعادة حساباتهم.

وثانيا اكتشاف مدى العداء لاسرائيل داخل الرأى العام والشعوب العربية التى قامت بالثورات من تونس الى اليمن، مرورا بمصر والبحرين وليبيا. فكان لابد لاسرائيل ان تعيد تشكيل صورتها لدى الشعوب العربية لتبدو اكثر سلما.

وثالثا، اسفرت الثورات الى تأجيج المخاوف الاسرائيلية من تغيير الاتفاقيات التى ابرمتها مع الحكام العرب وخاصة اتفاقية السلام مع مصر والتى حسب قول الدبلوماسية المصرية الخطأ فى تلك الاتفاقية ليست البنود بقدر ما هى تفسيرها وتطبيقها المجحف ضد المصلحة المصرية.

لذلك فان اصدرا تلك المبادرة اليوم قد تعنى ان المفكرين فى اسرائيل يسعون بالفعل الى تغيير فى سياسات الدولة بعد انفجار الثورات فى الدول العربية وسيطرة الشعوب على مصائرها؛ او قد تعنى انها تنوى، كما تفعل دائما، اتخاذ موقفا عسكريا صارما من الدول العربية تسبقه باعلان نوايا حسنة حتى لا تتهم بانها داعية للحروب. ولقد فعلت نفس الشئ فى عام 2000 عندما قدم رئيس الوزراء الاسرائيلى انذاك، ايهود باراك، مبادرة سلام يتعهد فيها باقامة الدولة الفلسطينية على 90% من الاراضى الفلسطينية، وبعدها بايام دخل آرييل شارون ساحة المسجد الاقصى فى القدس القديمة بشكل استفزازى اسفر عن تفجر الانتفاضة الفلسشطينية الثانية. فبدا ان اسرائيل هى التى تمد يدها بالسلام بينما الفلسطينيون هم دعاة الحرب والعداء.

فى كلتى الحالتين يجب ان نأخذ بحرص شديد المبادرة التى طرحتها مجموعة الصفوة والمفكرين الاسرائيليين، لان التاريخ لا يشهد على أى سابقة تؤكد حسن النوايا الاسرائيلية.

No comments: