11 Feb 2008

التسونامى الفلسطينى


فى لحظات انفجر الوضع فى غزة، وكسر الفلسطينيون الحصار الذى فرضته إسرائيل على القطاع منذ أشهر، وتدفقوا بالآلاف عبر الحدود الى مصر، مثل التسونامى، يبحثون عن لقمة العيش وقطرة المياه، وذلك فى رسالة واضحة موجهة الى الحكومة الإسرائيلية، تشير الى أكثر من نقطة:
أولا: أن سياسة العقاب الجماعى وعزل الشعب الفلسطينى فى غزة لن يدفع الغزاويين الى الرضوخ لمتطلبات الحكومة الإسرائيلية، ولن يؤدى إلا الى الانفجار. فقد قامت إسرائيل ومنذ الصيف الماضى، عندما أعلنت القطاع "كيان عدائى"، بإغلاق الحدود مع غزة، ومنعت وصول الإمدادات الغذائية والأدوية، وفى 18 يناير الماضى ساد الظلام القطاع بعد انقطاع الكهرباء عنه، ورضت حصارا، وصفته كارين كونينج ابوزايد، المفوضة العامة لمنظمة غوث اللاجئين الفلسطينيين فى غزة فى مقال نشرته صحيفة الجارديان البريطانية بـ "الحصار الشرس"، الذى أدى الى أن يصبح القطاع أول منطقة فى التاريخ تتحول عن قصد الى حالة من "الانهيار الخسيس".
وثانيا: أن الشعب الفلسطينى قادر على التحكم فى أقداره وكسر الحصار رغم كل الاستحكامات التى وضعتها إسرائيل بمساعدة أمريكا. كما أوضح الشعب الفلسطينى فى غزة للعالم أجمع أنه قادر على فتح الحدود فى أى وقت يريد.
وثالثا: برغم أن المجتمع الدولى لم يدين إسرائيل بسبب سياستها التعسفية ضد مليون ونصف مليون نسمة من الفلسطينيين المقيمين فى غزة، وبرغم أن الحصار تم بمعرفته وموافقته، بل وتشجيعه، إلا انه لم يدين أيضا التدفق الفلسطينى الى اراضى سيناء بحثا عن الطعام والشراب والدواء والاحتياجات الأساسية، وذلك لأن المجتمع الدولى أدرك فى قرارة نفسه أن إسرائيل قد حولت غزة الى أكبر معتقل مفتوح فى العالم، وأن سياستها هى فى النهاية تعتبر جريمة إنسانية غير مسبوقة، تستهدف الضغط على أبناء غزة لتغيير زعاماته واختيار حكومة تكون أكثر ليونة لمتطلبات إسرائيل.
قد يكون ما حدث فى رفح المصرية هو الذى دفع وزير الدفاع الإسرائيلى الى التصريح بان ذلك سوف يمهد الطريق أمام إسرائيل لتتخلى نهائيا عن مسئولية القطاع وتحويله الى مصر. ولكن يرى بعض المحللين فى الغرب أن تلك التصريحات ليست جادة، لان ما وصف بالـ "الجنى" الفلسطينى الذى خرج من القمقم، لن يعود مرة أخرى الى القنينة، كما أن إسرائيل ستظل هى السلطة المحتلة المسئولة بالكامل عن القطاع وعن كل مداخله البحرية والجوية والارضية، والوحيدة التى ستظل تقود عمليات عسكرية فى داخله فى الوقت الذى يحلو لها.
لذلك فان المحللين السياسيين الغربيين ينصحون إسرائيل والسلطة الفلسطينية بضرورة إقامة حوار مع حماس، وعقد اتفاق معها، لان الاستمرار فى رفض الحوار مع الحكومة المنتخبة لن يؤدى الى شئ، والحصار لم يضعف حماس أو يسقطها، كما كان الهدف.

No comments: