28 Feb 2008

الوحدة العربية مرة اخرى


مع الذكرى الخمسين لأول نواة لوحدة عربية حقيقية، والتى تأتى فى 22 فبراير الحالى، تزامن صدور كتاب "الثوار لا يموتون" للمناضل الفلسطينى جورج حبش، الذى توفى قبيل أيام قليلة من ظهور الكتاب فى الأسواق الفرنسية، كشف فيه حبش، عن رؤية مناضل وثورى فلسطينى رفض توقيع اتفاقيات السلام والعودة الى الأراضى الفلسطينية الى أن يتحقق الاستقلال الكامل.
فى الكتاب الحوار الذى يعتبر أول مذكرات تنشر لمناضل فلسطينى كبير، تحدث حبش عن الوحدة العربية وجمال عبد الناصر، الزعيم الذى حقق الحلم فى عام 1958، والذى رفض أن يفرضها بالقوة المسلحة.
يضع حبش فى رؤيته للوحدة العربية، ثلاث حقائق أساسية: الحقيقة الأولى هى أن الوحدة غيرت تغييرا جذريا صورة الساحة العربية فى ذلك الوقت، فقد كانت، كما قال حبش، حدثا غير مسبوق، أثار ردود فعل شعبية غير مسبوقة. وعندما توجه عبد الناصر لزيارة دمشق، جاء مئات الآلاف زحفا من كل مكان من سوريا ولبنان، أفترشوا الشوارع طوال الليل حتى يتمكنون من رؤية عبد الناصر لحظة إطلالته من شرفة القصر الجمهورى فى دمشق. فبالنسبة لهذه الشعوب كان عبد الناصر هو الذى جسد حلم الوحدة والصحوة العربية، مما يؤكد أن الوحدة العربية هى حلم الشعوب، وليس وسيلة يحقق من خلالها الزعماء مكاسب سياسية.
وثانى حقيقة، أكدها حبش فى الكتاب، هى أن من خلال الوحدة العربية فقط يمكن تحرير الأراضى العربية، بدءا بفلسطين. لأن فى رأيه إسرائيل تهدف الى احتلال كل المنطقة العربية؛ ولكى يتم وأد مشروعها يجب الحفاظ على الوحدة العربية.
وأخيرا يؤكد حبش على حقيقة ثالثة مهمة، وهى إنه لكى تتحقق تلك الوحدة يجب "ألا يرفع جندى عربى السلاح ضد جندى عربى أخر"، ذلك ما ألتزم به عبد الناصر حتى فى أحلك اللحظات عندما قرر بعض المسئولين السوريين الانفصال عن مصر، ورفض عبد الناصر فرض الوحدة فرضا على سوريا، واضطر الى قبول الأمر الواقع على أمل أن تقوم الشعوب يوما ما بالتحرك وتعبئة نفسها وراء الوحدة.
واليوم وبعد خمسين عام، تشهد الدول العربية انقساما غير مسبوق، فرفع جنود عرب السلاح ضد جنود عرب آخرين، وتلتهم دولة إسرائيل الأراضى الفلسطينية جزءا جزءا، وتحاول المرة تلو المرة احتلال جنوب لبنان، بينما تنظر الى سيناء من طرفى عيناها، أما الشعوب فقد دبت بينهم الفرقة والانقسامات ونجحت إسرائيل وأمريكا فى تقسيم الشعوب الى طوائف ومذاهب وأديان. فهل تعيد ذكرى الوحدة أملا شعبيا، تصور البعض انه مات؟

No comments: