21 Dec 2006

الفلسطينيون أمام الحرب الأهلية والمصيدة الاسرائيلية



ينزلق العالم العربى الى آتون الحروب الأهلية فى كل مكان من السودان الى العراق ومن لبنان الى الاراضى الفلسطينية، ينفذون، دون وعى منهم، الخطة التى فشلت فى تحقيقها كل من إسرائيل والولايات المتحدة فى تفتيت الدول العربية الى دويلات مذهبية.
لقد أصبح الفلسطينيون قاب قوسين من الحرب الأهلية. الشعب الفلسطينى الذى حارب دائما من اجل قضية واحدة، يجد نفسه اليوم ممزقا منذ أن مارس حقه الدستورى فى اختيار حكامه فى انتخابات ديمقراطية حرة، فأختار حماس، التى يعتبرها الغرب من المنظمات الإرهابية. وكانت النتيجة أن قام العالم الغربى وإسرائيل بمعاقبة الشعب الفلسطينى على اختياره ذلك، وقرر وقف المساعدات عنه من أجل إحراج الحكومة التى اختارها والضغط عليها من خلال تجويع شعبا كاملا، وتحويل غزة الى سجنا كبيرا. ولقد كتب عنها مراسل صحيفة الإندبندنت فى سبتمبر الماضى يصف الوضع بقوله: أن "غزة تحتضر".
لقد قام الإسرائيليون بمحاصرة القطاع الى حد أن بات سكانه على شفا المجاعة، وحذر المراقبون من أن "على سواحل البحر المتوسط مأساة حقيقية تتبلور ولكن العالم يتجاهلها، فى الوقت الذى يهتم فيه بالأحداث فى لبنان والعراق". وذكرت التقارير أن مجتمعا كاملا يدمر، ويعيش مليون ونصف فلسطينيا سجينا فى أكثر المناطق كثافة فى العالم، فقد أوقفت إسرائيل كل تجارة معها ومنعت الصيادين من التوغل بعيدا عن الشواطئ بحثا عن الصيد. فى نفس الوقت يقتل الإسرائيليون المدنيين كل يوم من خلال عمليات قصف مستمر للمدينة سواء من السماء أو من الأرض. فامتلأت المستشفيات بالمصابين والمقابر بالقتلى، اغلبهم من الأطفال والنساء والشيوخ. ومنعت إسرائيل إسماعيل هنية من الدخول بالأموال التى تلقاها كمساعدات والتى اضطر أن يجمعها أموالا سائلة بعد أن منعت البنوك التداول والتعامل مع حكومة حماس.
وعندما وصل الشعب المقاوم الى أخر زاده، وقفت عجوز أمام مخيمها تواجه القوات الإسرائيلية الغازية، وقد حملت حول جسمها الذى أصابه الوهن، حزاما من المتفجرات لتفجير نفسها مع الإسرائيليين، انتقاما لحفيدها الذى قتلته القوات المغيرة، وحفيدها الأخر الذى سيعيش حياته على كرسى متحرك بعد أن فقد ساقه وهدم منزلها.
أخيرا عندما قرر الشعب الفلسطينى حماية زعماءه بأجسادهم تراجعت إسرائيل، وبدأت تدرك إن حربها تلك قد تثير ضدها العالم أجمع. فانسحبت، ولكنها لم تستسلم. بل غيرت تكتيكاتها، فبدلا من أن تقوم قواتها بمهمة إبادة الشعب الفلسطينى، وهى مهمة قد تثير ضدها عداء العالم أجمع، قررت أن توكل تلك المهمة الى آخرين. فبدأت تغذى مشاعر الكراهية بين أبناء الشعب الفلسطينى نفسه ضد حكامه، وتنمى الصراع بين الرئاسة التى تمثل فتح، والحكومة التى تمثل حماس.
وفى نفس الوقت، بدأت الولايات المتحدة تدرب قوات الرئاسة للدفاع عن الرئيس عباس، ثم قررت إسرائيل السماح بدخول قوات بدر التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية المرابطة فى الأردن الى الأراضى الفلسطينية، وذكرت التقارير أن ذلك يعتبر خطوة لتعزيز وضع أبا مازن العسكرى فى حال وقوع أى مواجهة عسكرية مع حماس.
وكان أولمرت قد سمح بدخول بعض الأسلحة من الأردن لحرس الرئاسة الفلسطينية قبل شهور قليلة قيل وقتها بأنها نحو 950 قطعة سلاح. وزيادة فى الإغراءات أعرب أولمرت عن استعداده للتنازل عن أراضى من اجل دعم أبا مازن، إذ قال فى حديث للإذاعة البى بى سى أن إسرائيل مستعدة للانسحاب من العديد من المناطق، دون أن يحدد تلك المناطق أو مساحتها أو موعد الانسحاب.
فى نفس الوقت دعم الاتحاد الأوروبى موقف إسرائيل من خلال رفضه الخطة التى قدمتها فرنسا وأسبانيا وايطاليا، والتى تدعو الى عقد مؤتمر دولى للشرق الأوسط وهو المؤتمر الذى ترفضه إسرائيل دائما. ورفض الاتحاد الأوروبى الخطة على أساس إنها، كما قالت الدول الأعضاء: "موالية للعرب".

لقد نصبت إسرائيل فخا للشعوب العربية، تسقط فيه الواحدة بعد الآخرى. ولكن الشعب الفلسطينى الذى عاش ما يقرب من ستين عام يقاوم الاحتلال بجسده قبل سلاحه، هل يسقط فى المصيدة هو الأخر؟

No comments: